الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
.تفسير الآية رقم (68): {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)}{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم} من الأبواب المتفرقة من البلد، قيل: كانت له أربعة أبواب فدخلوا منها، وإنما اكتفى بذكره لاستلزامه الانتهاء عما نهوا عنه، وحاصله لما دخلوا متفرفين {مَا كَانَ} ذلك الدخول {يُغْنِى عَنْهُمْ مّنَ الله} من جهته سبحانه: {مِن شَيْء} أي شيئًا مما قضاه عليهم جل شأنه، والجمل قيل: جواب {لَّمًّا} والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل لتحقق المقارنة الواجبة بين جواب {لَّمًّا} ومدخولها، فإن عدم الاغناء بالفعل إنما يتحقق عند نزول المحذور لا وقت الدخول وإنما المتحقق حينئذ ما أفاده الجمع المذكورة من عدم كون الدخول مغنيًا فيما سيأتي، وليس المراد بيان سببية الدخول المذكور لعدم الإغناء كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إلا نفورًا} [فاطر: 42] فإن مجيء النذير هناك سبب لزيادة نفورهم بل بيان عدم سببيته للاغناء مع كونها متوقعة في بادئ الرأي حيث أنه وقع حسا وصاهم به عليه السلام، وهو نظير قولك: حلف أن يعطيني حقي عند حلول الأجل فلما حل لم يعطيني شيئًا، فإن المراد بيان عدم سببية حلول الأجل للإعطاء مع كونها مرجوة وجب الحلف لا بيان سببيته لعدم الإعطاء، فالمآل بيان عدم ترتب الغرض المقصود على التدبير المعهود مع كونه مرجو الوجود لا بيان ترتب عدمه عليه، ويجوز أن يراد ذلك أيضًا بناء على ما ذكره عليه السلام في تضاعيف وصيته من أنه لا يغنى عنهم تدبيره من الله تعالى شيئًا فكأنه قيل: ولما فعلوا ما وصاهم به لم يفدهم ذلك شيئًا ووقع الأمر حسا قال عليه السلام فلقوا ما لقوا فيكون من باب وقوع المتوقع اه، وإلى كون الجواب ما ذكر ذهب أبو حيان وقال: إن فيه حجة لمن زعم أن لما حرف وجوب لوجوب لا ظرف زمان عنى حين إذ لو كان كذلك ما جاز أن يكون معمولًا لما بعد {فِى مَا} النافية، ولعل من يذهب إلى ظرفيتها يجوز ذلك بناء على أن الظرف يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره، وقال أبو البقاء: في جواب لما وجهان. أحدهما أنه {آوى} [يوسف: 69] وهو جواب {لما} الأولى والثانية كقولك: لما جئتك وكلمتك أجبتني وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف عليه السلام تعقب دخولهم من الأبواب. والثاني أنه محذوف أي امتثلوا أو قضوا حاجة أبيهم وإلى الوجه الأخير ذهب ابن عطية أيضًا ولا يخفى أنه عليه وعلى ما قبله ترتفع غائلة توجيه أمر الترتب، وما أشار إليه صاحب القيل في ثاني وجهيه هو الذي يقتضيه ظاهر كلام كثير من المفسرين حيث ذكروا أن هذا منه تعالى تصديق لما أشار إليه يعقوب عليه السلام في قوله: {وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ الله شَيْئًا} [يوسف: 67].واعترض القول بعدم ترتب الغرض على التدبير بأن الغرض ليس إلا دفع إصابة العين لهم وقد تحقق بدخولهم متفرقين وهو وارد أيضًا على ما ذكر في الوجه الأخير كما لا يخفى. وأجيب بأن المراد بدفع العين أن لا يمسهم سوء ما، وإنما خصت إصابة العين لظهورها، وقيل: إن ما أصابهم من العين أيضًا فلم يترتب الغرض على التدبير بل تخلف ما أراده عليه السلام عن تدبيره، وتعقب بأنه تكتلف، واستظهر أن المراد أنه عليه السلام خشى عليهم شر العين فأصابهم شر أخر لم يخظر بباله فلم يفد دفع ما خافه شيئًا، وحينئذ يدعي أن دخولهم من حيث أمرهم أبوهم كان مفيدًا لهم من حيث أنه دفع العين عنهم إلا أنه لما أصابهم ما أصابهم من إضافة السرقة إليهم وافتضاحهم بذلك مع أخيهم بوجدان الصواع في رحله وتضاعف المصيبة على أبيهم لم يعد ذلك فائدة فكأن دخولهم لم يفدهم شيئًا. واعترض أيضًا ما ذكر في توجيه الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل بأن المشهور أن الغرض منه إفادة الاستمرار كما مرت الإشارة إليه غير مرة وظاهر ذلك لا يدل عليه، قيل: وإذا كان الغرض هنا ذاك احتمل الكلام وجهين نفى استمرار الاغناء واستمرار نفيه وفيه تأمل متأمل جدا. هذا وما أشرنا إليه من زيادة {مِنْ} في المنصوب هو أحد وجهين ذكرهما الرازي في الآية. ثانيهما جواز كونها زائدة في المرفوع وحينئذ ليس في الكلام ضمير الدخول كما لا يخفى، قيل: ولو اعتبر على هذا الوجه كون مرفوع {كَانَ} ضمير الشأن لم يبعد أي ما كان الشأن يغني عنهم من الله تعالى شيء {إِلاَّ حَاجَةً} استثناء منقطع أي ولكن حاجة {فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} أي أظهرها ووصاهم بها دفعا للخطرة غير معتقد أن للتدبير تأثيرًا في تغيير التقدير، والمراد بالحاجة شفقته عليه السلام وحرازته من أن يعانوا.وذكر الراغب أن الحاجة إلى الشيء الفقر إليه مع محبته وجمعه حاج وحاجات وحوائج، وحاج يحوج احتاج ثم ذكر الآية. وأنكر بعضهم مجيء الحوائج جمعًا لها وهو محجوج بوروده في الفصيح، وفي التصريح باسمه عليه السلام إشعار بالتعطف والشفقة والترحم لأنه عليه السلام قد اشتهر بالحزن والرقة، وجوز أن يكون ضمير {قَضَاهَا} للدخول على معنى أن ذلك الدخول قضى حاجة في نفس يعقوب عليه السلام وهي إرادته أن يكون دخولهم من أبواب متفرقة، فالمعنى ما كان ذلك الدخول يغني عنهم من جهة الله تعالى شيئًا لكن قضى حاجة حاصلة في نفس يعقوب لوقوعه حسب إرادته، والاستثناء منقطع أيضًا، وجملة {قَضَاهَا} صفة {حَاجَةً} وجوز أن يكون خبر {إِلا} لأنها عنى لكن وهي يكون لها اسم وخبر فإذا أولت بها فقد يقدر خبرها وقد يصرح به كما نقله القطب.وغيره عن ابن الحاجب، وفيه أن عمل إلا عنى لكن عملها مما لم يقل به أحد من أهل العربية.وجوز الطيبي كون الاستثناء متصلًا على أنه من باب.فالمعنى ما أغنى عنهم ما وصاهم به أبوهم شيئًا إلا شفقته التي في نفسه، ومن الضرورة أن شفقة الأب مع قدر الله تعالى كالهباء فاذن ما أغنى عنهم شيئًا أصلًا {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ} جليل {لّمَا عَلَّمْنَاهُ} أي لتعليمنا إياه بالوحي ونصب الأدلة حيث لم يعتقد أن الحذر يدفع القدر حتى يتبين الخلل في رأيه عند تخلف الأثر أو حيث بت القول بأنه لا يغنى عنهم من الله تعالى شيئًا فكانت الحال كما قال، فاللام للتعليل و{مَا} مصدرية والضمير المنصوب ليعقوب عليه السلام، وجوز كون {مَا} موصولًا اسميًا والضمير لها واللام صلة علم والمراد به الحفظ أي إنه لذو حفظ ومراقبة للذي علمناه إياه، وقيل: المعنى إنه لذو علم لفوائد الذي علمناه وحسن إثارة، وهو إشارة إلى كونه عليه السلام عاملًا بما علمه وما أشير إليه أولا هو الأولى، ويؤيد التعليل قراءة الأعمش {مّمَّا علمناه} وفي تأكيد الجملة بان واللام وتنكير {عِلْمٍ} وتعليله بالتعليم المسند إلى ضمير العظة من الدلالة على جلالة شأن يعقوب عليه السلام وعلو مرتبة علمه وفخامته ما لا يخفى.{ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} شر القدر ويزعمون أنه يغني عنه الحذر، وقيل: المراد {لاَّ يَعْلَمُونَ} إيجاب الحذر مع أنه لا يغني شيئًا من القدر. وتعقب بأنه يأباه مقام بيان تخلف المطلوب عن المبادئ.وقيل: المراد {لاَّ يَعْلَمُونَ} أن يعقوب عليه السلام بهذه المثابة من العلم، ويراد بأكثر الناس حينئذ المشركون فانهم لا يعلمون أن الله تعالى كيف ارشد أولياءه إلى العلوم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة، وفيه أنه عزل عما نحن فيه.وجعل المفعول سر القدر هو الذي ذهب إليه غير واحد من المحققين وقد سعى في بيان المراد منه وتحقيق إلغاء الحذر بعض أفاضل المتأخرين المتشبثين بأذيال الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم فقال: إن لنا قضاء وقدرًا وسر قدر وصر سره، وبيانه أن الممكنات الموجودة، وإن كانت حادثة باعتبار وجودها العيني لكنها قديمة باعتبار وجودها العلمي وتسمى بهذا الاعتبار مهيئات الأشياء والحروف العالية والأعيان الثابتة، ثم أن تلك الأعيان الثابتة صور نسبية وظلال شؤنات ذاتية لحضرة الواجب تعالى، فكما أن الواجب تعالى والشؤون الذاتية له سبحانه مقدسة عن قبول التغير أزلا وأبدًا كذلك الأعيان الثابتة التي هي طلالها وصورها يمتنع عليها أن تتغير عن الأحكام التي هي عليها في حدّ نفسها، فالقضاء هو الحكم الكلي على أعين الموجودات بأحوال جارية وأحكام طارئة عليها من الأزل إلى الأبد، والقدر تفصيل هذا الحكم الكلي بتخصيص إيجاد الأعيان وإظهارها بأوقات وأزامن يقتضي استعدادها الوقوع فيها وتعليق كل حال من أحوالها بزمان معين وسبب مخصوص، وسر القدر هو أن يمتنع أن يظهر عين من الأعيان إلا على حسب ما يقتضيه استعداده، وسر القدر هو أن تلك الاستعدادات أزلية غير مجعولة بجعل الجاعل لكون تلك الأعيان ظلال شؤنات ذاتية مقدسة عن الجعل والانفعال، ولا شك أن الحكم الكلي على الموجودات تابع لعلمه تعالى بأعيانها الثابتة، وعلمه سبحانه بتلك الأعيان تابع لنفس تلك الأعيان إذ لا أثر للعلم الأزلي في المعلوم بإثبات أمر له لا يكون ثابتًا أو بنفي أمر عنه يكون ثابتًا بل علمه تعالى بأمر ما إنما يكون على وجه يكون هو في حدّ ذاته على ذلك الوجه، وأما الأعيان فقد عرفت أنها ظلال لأمور أزلية مقدسة عن شوائب التغير فكانت أزلا، فالله تعالى علم بها كما كانت وقضى وحكم كما علم وقدّر وأوجد كما قضى وحكم، فالقدر تابع للقضاء التابع للمعلوم التابع لما هو ظل له فاليه سبحانه يرجع الأمر كله فيمتنع أن يظهر خلاف ما علم فلذا يلغو الحذر، لكن أمر به رعاية للأسباب فإن تعطيلها مما يفوت انتظام أمر هذه النشأة، ولذا ورد أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام ترك تعاطي أسباب تحصيل الغذاء وقال: لا أسعي في طلب شيء بعد أن كان الله تعالى هو المتكفل برزقي ولا آكل ولا أشرب ما لم يكن سبحانه وهو الذي يطعمني ويسقيني فبقي أيامًا على ذلك حتى كادت تغيظ نفسه مما كابده فأوحى إليه سبحانه يا فلان لو بقيت كذلك إلى يوم القيامة ولم تتعاط سببًا ما رزقتك أتريد أن تعطل أسبابي؟وقال بعض المحققين: إن سبب إيجاب الحذر أن كثيرًا من الأمور قضى معلقًا ونيط تحصيله بالأفعال الاختيارية للبشر بترتيب أسبابه ودفع موانعه فيمكن أن يكون الحفظ عن المكروه من جملة ما نيط بفعل اختياري وهو الحذر وهو لا يأتي ما قلناه كما لا يخفى {هذا}وذكر الشيخ الأكبر قدّس سره أن القدر مرتبة بين الذات والمظاهر ومن علم الله تعالى علمه ومن جهله سبحانه جهله والله تعالى شأنه لا يعلم فالقدر أيضًا لا يعلم، وإنما طوى علمه حتى لا يشارك الحق في علم حقائق الأشياء من طريق الإحاطة بها إذ لو علم أن معلوم كان بطريق الإحاطة من جميع وجوهه كما يعلمه الحق لما تميز علم الحق عن علم العبد بذلك الشيء ولا يلزمنا على هذا الاستواء فيما علم منه، فإن الكلام فيما علم كذلك، فإن العبد جاهل بكيفية تعلق العلم مطلقًا علومه فلا يصح أن يقع الاشتراك مع الحق في العلم علوم ما، ومن المعلومات العلم بالعلم، وما من وجه من المعلومات إلا وللقدر فيه حكم لا يعلمه إلا هو سبحانه فلو علم القدر علمت أحكامه ولو علمت أحكامه لاستقل العبد في العلم بكل شيء وما احتاج إليه سبحانه في شيء وكان له الغنى على الإطلاق، وسر القدر عين تحكمه في الخلائق، وأنه لا ينكشف لهم هذا السر حتى يكون الحق بصرهم.وقد ورد النهي عن طلب علم القدر وفي بعض الآثار أن عزيرًا عليه السلام كان كثير السؤال عنه إلى أن قال الحق سبحانه له: يا عزير لئن سألت عنه لأمحون اسمك من ديوان النبوة، ويقرب من ذلك السؤال عن علل الأشياء في مكنوناتها، فإن أفعال الحق لا ينبغي أن تعلل؛ فإن ما ثم علة موجبة لتكوين شيء إلا عين وجود الذات وقبول عين الممكن لظهور الوجود، والأزل لا يقبل السؤال عن العلل، والسؤال عن ذلك لا يصدر إلا عن جاهل بالله تعالى فافهم ذاك والله سبحانه يتولى هداك. .تفسير الآية رقم (69): {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بما كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}{وَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ ءاوى} أي ضم {إِلَيْهِ أَخَاهُ} بنيامين، قال المفسرون: إنهم لما دخلوا عليه عليه السلام قالوا: أيها الملك هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به قد جئناك به فقال لهم: أحسنتم وأصبتم وستجدون ذلك عندي، وبلغوه رسالة أبيهم، فإنه عليه السلام لما ودعوه قال لهم: بلغوا ملك مصر سلامي وقولوا له: إن أبانا يصلي عليك ويدعو لك ويشكر صنيعك معنا، وقال أبو منصور المهراني: إنه عليه السلام خاطبه بذلك في كتاب فلما قرأه يوسف عليه السلام بكى ثم أنه أكرمهم وأنزلهم وأحسن نزلهم ثم أضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة فبقي بنيامين وحيدًا فبكى وقال: لو كان أخى يوسف حيا لأجلسني معه فقال يوسف عليه السلام: بقى أخوكم وحده فقالوا له: كان له أخ فهلك قال: فأنا أجلسه معي فأخذه وأجلسه معه على مائدة وجعل يؤاكله، فلما كان الليل أمرهم ثل ذلك وقال: ينام كل اثنين منكم على فراش فبقي بنيامين وحده فقال: هذا ينام عندي على فراشي فنام مع يوسف عليه السلام على فراشه فجعل يوسف عليه السلام يضمه إليه ويشم ريحه حتى أصبح وسأله عن ولده فقال: لي عشرة بنين اشتققت أسماءهم من اسم أخ لي هلك فقال له: أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك؟ قال: من يجد أخا مثلك أيها الملك؟ ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف عليه السلام وقام إليه وعانقه وتعرف إليه عند ذلك {قَالَ إِنّى أَنَاْ أَخُوكَ} يوسف {فَلاَ تَبْتَئِسْ} أي فلا تحزن {ا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} بنا فيما مضى فإن الله تعالى قد أحسن إلينا وجمعنا على خير ولا تعلمهم بما أعلمتك، والقول بأنه عليه السلام تعرف إليه وأعلمه بأنه أخوه حقيقة هو الظاهر. وروي عن ابن عباس. وابن إسحاق. وغيرهما إلا أن ابن اسحق قال: إنه عليه السلام قال له بعد أن تعرف إليه: لا تبال بكل ما تراه من المكروه في تحيلي في أخذك منهم، قال ابن عطية: وعلى هذا التأويل يحتمل أن يشير {ا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} إلى ما يعمله فتيانه عليه السلام من أمر السقايه ونحو ذلك، وهو لعمري مما لا يكاد يقول به من له أدنى معرفة بأساليب الكلام، وقال وهب: إنما أخبر عليه السلام أنه قائم مقام أخيه الذاهب في الود ولم يكشف إليه الأمر، ومعنى {لا تَبْتَئِسْ} إلخ لا تحزن بما كنت تلقاه منهم من الحسد والأذى فقد أمنتهم، وروي أنه قال ليوسف عليه السلام: أنا لا أفارقك قال: قد علمت اغتمام والدي فإذا حبستك ازداد غمه ولا سبيل إلى ذلك إلا أن أنسبك إلى ما لا يجمل قال: لا أبالي فافعل ما بدا لك قال: فاني أدس صاعي في رحلك ثم أنادي عليك بأنك سرقته ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك معهم قال: افعل.
|